فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن الجوزي:

وفي {حم} أربعة أقوال:
أحدها: قَسَم أَقْسَمَ اللهُ به وهو من أسمائه عز وجل، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
قال أبو سليمان: وقد قيل: إن جواب القَسَم قوله: {إِنَّ الذين كفَروا يُنادَوْنَ} [المؤمن: 10].
والثاني: أنها حروف من أسماء الله عز وجل، ثم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن {آلر} و{حم} و{نون} حروف الرحمن، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أن الحاء مفتاح اسمه حميد، والميم مفتاح اسمه مجيد، قاله أبو العالية.
والثالث: أن الحاء مفتاح كل اسم لله ابتداؤه حاء، مثل: حكيم و حليم و حيّ، والميم مفتاح كلِّ اسمٍ له، ابتداؤه ميم مثل ملك و متكبِّر و مَجيد، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
وروي نحوه عن عطاء الخراساني.
والثالث: أن معنى {حم} قُضِيَ ما هو كائن، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
ورُوي عن الضحاك والكسائي مثل هذا كأنهما أرادا الإِشارة إلى حُمَّ، بضم الحاء وتشديد الميم.
قال الزجاج: وقد قيل في {حم} حُمَّ الأمر.
والرابع: أن {حم} اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
وقرأ ابن كثير: {حم} بفتح الحاء؛ وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: بكسرها، واختلف عن الباقين.
قال الزجاج: أمّا الميم، فساكنة في قراءة القُرّاء كلِّهم إلاّ عيسى ابن عمر، فإنه فتحها؛ وفتحها على ضربين.
أحدهما: أن يجعل {حم} اسمًا للسُّورة، فينصبه ولا ينوِّنه، لأنه على لفظ الأسماء الأعجمية نحو هابيل وقابيل.
والثاني: على معنى: اتْلُ حم، والأجود أن يكون فتح لالتقاء الساكنين حيث جعله اسمًا للسُّورة، ويكون حكاية حروف الهجاء.
قوله تعالى: {تَنْزيلُ الكتاب} أي: هذا تنزيلُ الكتاب.
و{التَّوْبُ} جمع تَوْبَة، وجائز أن يكون مصدرًا من تاب يَتُوب تَوْبا، والطوَّل: الفَضْل.
قال أبو عبيدة: يقال: فلان ذو طَوْل على قومه، أي: ذو فَضْل.
وقال ابن قتيبة: يقال: طُلْ عليَّ يرحمك الله، أي: تَفَضَّلْ.
قال الخطابي: ذو حرف النِّسبة، والنّسبة في كلامهم على ثلاثة أوجه: بالياء كقولهم: أسديّ، وبكريّ، والثاني: على الجمع كقولهم: المَهالبة، والمسامعة، والأزارقة، والثالث: ب {ذي} و{ذات} كقولهم: رجُل مال، أي: ذو مال، وكبش صاف، أي: ذو صوف، وناقة ضامر، أي ذات ضُمر فقوله: ذو الطَّوْل، معناه: أهْل الطَّول والفَضْل.
قوله تعالى: {ما يُجادِلُ في آيات الله} أي: ما يُخاصم فيها بالتكذيب لها ودفعها بالباطل {إلا الذين كَفَروا} وباقي الآية في [آل عمران: 196]؛ والمعنى: إنّ عاقبة أمرهم إلى العذاب كعاقبة مَنْ قَبْلَهم.
قوله تعالى: {وهَمَّتْ كُلُّ أُمَّة برسولهم لِيَأخُدوه} فيه قولان:
أحدهما: ليقتُلوه، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثاني: ليحبِسوه ويعذِّبوه، ويقال للأسير: أخيذٌ، حكاه ابن قتيبة.
قال الأخفش: وإِنما قال: {ليأخُذوه} فجمع على الكلِّ، لأن الكلَّ مذكَّر ومعناه معنى الجماعة.
وما بعد هذا مفسَّر في [الكهف: 56] إلى قوله: {فأَخَذْتُهم} أي: عاقَبْتُهم وأهلكتُهم {فكيف كان عِقابِ} استفهام تقرير لعقوبتهم الواقعة بهم.
{وكذلك} أي: مِثْل الذي حَقَّ على الأُمم المكذِّبة {حَقَّتْ كَلِمةُ ربِّكَ} بالعذاب، وهي قوله: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَّ} [الأعراف: 18] على الذين كفروا من قومك.
وقرأ نافع، وابن عامر: {حَقَّتْ كَلِماتُ ربِّكَ} {أنهم} قال الأخفش: لأنهم أو بأنهم {أصحابُ النَّارِ}.
ثم أخبر بفضل المؤمنين فقال: {الذين يَحْمِلونَ العَرْشَ} وهم أربعة أملاك، فإذا كان يوم القيامة جُعلوا ثمانيةً {ومَنْ حَوْلَه} قال وهب بن منبِّه: حَوْلَ العرش سبعون ألف صفٍّ من الملائكة يطوفون به، ومن وراء هؤلاء مائة ألف صفٍّ من الملائكة ليس فيِهم أحد إلاّ وهو يسبِّح بما لا يسبِّحه الآخر، وقال غيره: الذين حول العرش هم الكروبيّون وهم سادة الملائكة.
وقد ذكرنا في السُّورة المتقدِّمة معنى قوله: {يسبِّحون بحمد ربِّهم} [الزمر: 75].
قوله تعالى: {ربَّنا} أي: يقولون ربَّنا {وَسِعَتَ كُلَّ شيءٍ رَحْمَةً وعِلْمًا} قال الزجاج: هو منصوب على التمييز.
وقال غيره: المعنى: وَسِعَتْ رحمتُك وعِلْمُك كلَّ شيء {فَاْغْفِرْ للذين تابوا} من الشِّرك {واتَّبَعوا سبيلَكَ} وهو دين الإِسلام.
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {وقِهِمُ السَّيِّئاتِ} قال قتادة: يعني العذاب.
قوله تعالى: {إِنَّ الذين كَفَروا ينادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ} قال المفسِّرون: لمّا رأوْا أعمالَهم وأُدخِلوا النّارِ مَقَتُوا أنفُسَهم لِسُوءِ فِعْلِهم، فناداهم مُنادٍ: لَمَقْتُ الله إيّاكم في الدُّنيا {إِذ تُدْعَوْنَ إِلى الإِيمان فتكفُرونَ} أكبرُ مِنْ مقتكم أنفُسكم.
ثم أخبر عما يقولون في النار بقوله: {ربَّنا أَمَتَّنا اثْنَتَيْنِ وأَحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ} وهذا مثل قوله: {وكنتم أمواتًا فأحياكم ثُمَّ يميتُكم ثُمَّ يُحْييكم} [البقرة: 28] وقد فسَّرناه هنالك.
قوله تعالى: {فهل إِلى خُروج} أي: من النار إِلى الدنيا لنعملَ بالطاعة {مِنْ سَبيلٍ}؟ وفي الكلام اختصار، تقديره: فَأُجيبوا أن لا سبيل إِلى ذلك؛ وقيل لهم {ذلكم} يعني العذاب الذي نزل بهم {بأنَّه إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَه كَفَرتم} أي: إِذا قيل لا إله إلا الله أنكرَتم، وإن جُعل له شريكٌ آمنتم، {فالحُكم لله} فهو الذي حكم على المشركين بالنار.
وقد بيَّنَّا في سورة [البقرة: 255] معنى العليّ وفي [الرعد: 9] معنى الكبير.
{هُوَ الذي يُريكم آياتِه} أي: مصنوعاته التي تَدُلُّ على وَحدانيَّته وقُدرته.
والرِّزق هاهنا المطر، سمِّي رزقًا، لأنه سبب الأرزاق.
و{يتذكَّر} بمعنى يَتَّعظ، و{يُنيب} بمعنى يَرْجِع إِلى الطاعة.
ثم أمر المؤمنين بتوحيده فقال: {فادْعُوا اللهَ مُْلِصينَ له الدِّينَ} أي: موحِّدين.
قوله تعالى: {رفيعُ الدَّرَجاتِ} قال ابن عباس: يعني رافع السموات.
وحكى الماوردي عن بعض المفسِّرين قال: معناه عظيم الصِّفات.
قوله تعالى: {ذو العَرْشَ} أي: خالِقُه ومالِكُه.
قوله تعالى: {يُلْقي الرُّوحَ} فيه خمسة أقوال.
أحدها: أنه القرآن.
والثاني: النُّبوّة.
والقولان: مرويّان عن ابن عباس وبالأول قال ابن زيد، وبالثاني قال السدي.
والثالث: الوحي، قاله قتادة.
وإِنما ُسمِّي القرآن والوحي روحًا، لأن قِوام الدِّين به، كما أن قِوام البدن بالرُّوح.
والرابع: جبريل، قاله الضحاك.
والخامس: الرَّحمة، حكاه إبراهيم الحربي.
قوله تعالى: {مِنْ أمْرِِهِ} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: مِنْ قضائه، قاله ابن عباس.
والثاني: بأمره، قاله مقاتل.
والثالث: من قوله، ذكره الثعلبي.
قوله تعالى: {على مَن يشاءُ مِنْ عِبادِه} يعني الأنبياء.
{لِيُنْذِرَ} في المشار إِليه قولان:
أحدهما: أنه الله عز وجل.
والثاني: النَّبيُّ الذي يوحى إليه، والمراد ب {يومَ التَّلاق} يوم القيامة.
وأثبت ياء {التلاقي} في الحالين ابن كثير ويعقوب، وأبو جعفر.
وافقهما في الوصل؛ والباقون بغير ياءٍ في الحالَيْن، وفي سبب تسميته بذلك خمسة أقوال:
أحدها: أنه يلتقي فيه أهل السماء والأرض، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس.
والثاني: يلتقي فيه الأوَّلون والآخِرون روي عن ابن عباس أيضًا.
والثالث: يلتقي فيه الخلق والخالق، قاله قتادة ومقاتل.
والرابع: يلتقي المظلوم والظالم، قاله ميمون بن مهران.
والخامس: يلتقي المرءُ بعمله، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: {يَوْمَ هُم بارِزونَ} أي ظاهِرون من قُبورهم {لا يَخْفَى على الله منهم شيء}.
فإن قيل: فهل يَخْفَى عليه منهم اليوم شيء؟
فالجواب: أنْ لا، غير أن معنى الكلام التهديد بالجزاء؛ وللمفسِّرين فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يَخْفَى عليه ممّا عَمِلوا شيءٌ، قاله ابن عباس.
والثاني: لا يَستترونَ منه بجبل ولا مَدَر، قاله قتادة.
والثالث: أن المعنى: أَبْرَزهم جميعًا، لأنه لا يَخْفَى عليه منهم شيء، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: {لَمِن المُلْكُ الْيَوْمَ} اتفقوا على أن هذا يقوله الله عز وجل بعد فَناء الخلائق.
واختلفوا في وقت قوله له على قولين:
أحدهما: أنه يقوله عند فَناء الخلائق إِذا لم يبق مجيب، فيَرُدّ هو على نفسه فيقول: {للهِ الواحدِ القَهّارِ} قاله الأكثرون.
والثاني: أنه يقوله يوم القيامة.
وفيمن يُجيبه حينئذ قولان:
أحدهما: أنه يُجيب نَفْسَه، وقد سَكَتَ الخلائقُ لقوله، قاله عطاء.
والثاني: أن الخلائق كلَّهم يُجيبونه فيقولون {للهِ الواحدِ القهارِ} قاله ابن جريج.
قوله تعالى: {وأَنْذِرهم يومَ الآزفة} فيه قولان:
أحدهما: أنه يومُ القيامة، قاله الجمهور.
قال ابن قتيبة: وسميت القيامة بذلك لقُربها.
يقال: أَزِفَ شُخوص فلان، أي: قَرُبَ.
والثاني: أنه يومُ حُضور المنيَّة، قاله قطرب.
قوله تعالى: {إِذِ القُلوبُ لدى الحناجر} وذلك أنها ترتقي إِلى الحناجر فلا تخرُج ولا تعود، هذا على القول الأول.
وعلى الثاني: القلوب هي النُّفوس تبلغ الحناجرَ عند حضور المنيَّة؛ قال الزجاج: و{كاظمينَ} منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى؛ لأن القلوب لا يقال لها: كاظمين، وإِنما الكاظمون أصحاب القلوب؛ فالمعنى: إِذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كَظْمهم.
قال المفسِّرون: {كاظِمِين} أي: مغمومين ممتلئين خوفًا وحزنًا، والكاظم: المُمْسِك للشيء على ما فيه؛ وقد أشرنا إِلى هذا عند قوله: {والكاظمين الغيظ} [آل عمران: 134].
{ما لِلظّالِمِينَ} يعني الكافرين {مِنْ حَميمٍ} أي: قريب ينفعُهم {ولا شفيعٍ يُطَاعُ} فيهم فتُقْبَل شفاعتُه.
{يَعْلَمُ خائنةَ الأعيُن} قال ابن قتيبة: الخائنة والخيانة واحد.
وللمفسرين فيها أربعة أقوال:
أحدها: أنه الرجُل يكون في القوم فتمرُّ به المرأة فيُريهم أنه يغُضُّ بصره، فإذا رأى منهم غفلةً لَحَظَ إِليها، فإن خاف أن يَفْطنُوا له غَضَّ بصره، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه نظر العين إِلى ما نُهي عنه، قاله مجاهد.
والثالث: الغمز بالعين، قاله الضحاك والسدي.
قال قتادة: هو الغمز بالعين فيما لا يُحِبُّه الله ولا يرضاه.
والرابع: النظرة بعد النظرة قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {وما تُخْفي الصُّدورُ} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ما تُضْمِره من الفعل أن لو قَدَرْتَ على ما نَظَرْتَ إِليه، قاله ابن عباس.
والثاني: الوسوسة، قاله السدي.
والثالث: ما يُسِرُّه القلب من أمانة أو خيانة حكاه المارودي.
قوله تعالى: {واللهُ يَقْضي بالحق} أي: يحكمُ به فيَجزي بالحسنة والسَّيِّئة {والذين يَدْعُونَ مِنْ دُونِه} من الآلهة.
وقرأ نافع وابن عامر {تَدْعُونَ} بالتاء، على معنى: قُلْ لهم: {لا يَقْضُونَ بشيء} أي: لا يَحْكُمونَ بشيء ولا يُجازُون به؛ وقد نبَّه اللهُ عز وجل بهذا على أنه حَيٌّ، لأنه إِنما يأمُر ويَقضي من كان حيًّا، وأيَّد ذلك بذِكْر السَّمع والبصر، لأنهما إنما يثبُتان لحيٍّ، قاله أبو سليمان الدمشقي. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {حم} قال ابن عباس: {حم} اسم الله الأعظم وعنه قال الر وحم ون حروف اسمه الرحمن مقطعة وقيل حم اسم للسورة وقيل الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان، والميم افتتاح أسمائه ملك ومجيد ومنان، وقيل معناه حم بضم الحاء أي قضى ما هو كائن {تنزيل الكتاب من الله العزيز} أي الغالب القادر وقيل الذي لا مثل له {العليم} أي بكل المعلومات {غافر الذنب} يعني ساتر الذنب {وقابل التوب} يعني التوبة قال ابن عباس غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله وقابل التوب ممن قال لا إله إلا الله {شديد العقاب} لمن لا يقول لا إله إلا الله {ذي الطول} يعني السعة والغنى وقيل ذي الفضل والنعم وأصل الطول الإنعام الذي تطول مدته على صاحبه {لا إله إلا هو} يعني هو الموقوف بصفات الوحدانية التي لا يوصف بها غيره {إليه المصير} أي مصير العباد إليه في الآخرة {ما يجادل} يعني ما يخاصم ويحاجج في آيات الله يعني في دفع آيات الله بالتكذيب والإنكار إلا الذين كفروا قال أبو العالية آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن.
قوله تعالى: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} وقوله: {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال «إن جدالًا في القرآن كفر» أخرجه أبو داود وقال المراد في القرآن كفر وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم قومًا يتمارون فقال «إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما أنزل الكتاب يصدق بعضه بعضًا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوه وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه» م عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: هاجرت إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم يومًا فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج رسول الله صلّى اللّه عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال «إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب» {فلا يغررك تقلبهم} يعني تصرفهم {في البلاد} للتجارات وسلامتهم فيها مع كفرهم فإن عاقبة أمرهم العذاب {كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم} يعني الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه} قال ابن عباس ليقتلوه ويهلكوه وقيل ليأسروه {وجادلوا} يعني خاصموا {بالباطل ليدحضوا} يعني ليبطلوا {به الحق} الذي جاءت به الرسل {فأخذتهم فكيف كان عقاب} يعني أنزلت بهم من الهلاك ما هموا هم بإنزاله بالرسل وقيل معناه فكيف كان عقابي إياهم أليس كان مهلكًا مستأصلًا {وكذلك حقت} أي وجبت {كلمة ربك} يعني كما وجبت كلمة العذاب على الأمم المكذبة حقت {على الذين كفروا} يعني من قومك {إنهم} يعني بأنهم {أصحاب النار}.
قوله: {الذين يحملون العرش} قيل حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أردفهم الله تعالى بأربعة أخر كما قال الله تعالى: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} وهم أشرف الملائكة وأفضلهم لقربهم من الله وهم على صورة الأوعال وجاء في الحديث «إن لكل ملك منهم وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة جناحان منها على وجهه مخافة أن ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يهفو بهما في الهواء ليس لهم كلام غير التسبيح والتحميد والتمجيد ما بين أظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء» وقال ابن عباس: حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام، ويروي أن أقدامهم في تخوم الأرضين والأرضون والسموات إلى حجزهم تسبيحهم سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح وقيل إن أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفًا من أهل السماء السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفًا من التي تليها والتي تليها أشد خوفًا من التي تليها.